languageFrançais

ملف النفايات الإيطالية: الإفراج عن آخر متّهم موقوف على ذمّة القضية

علمت موزاييك أن الدائرة الجنائية لدى محكمة الاستئناف بتونس وافقت اليوم الثلاثاء 9 جانفي 2024 على مطلب الإفراج عن آخر متّهم موقوف على ذمّة القضية المتعلقة بتوريد النفايات الإيطالية إلى تونس مع تأخير النظر في القضية إلى شهر مارس القادم.

بداية القصة..

هزّت فضيحة النفايات الإيطالية الرأي العام في تونس، بعد الكشف عن تولي شركة تونسية مصدرة كليا توريد  282 حاوية فضلات منزلية على دفعتين، عبر الميناء التجاري بسوسة.

لعلّ تدوينة الصحفي المستقل حمدي بن صالح على صفحته بالفيسبوك حول الكشف عن بعض تفاصيل الصفقة المشبوهة المبرمة بين الشركة التونسية "سوريبلاست" مع الشركة الإيطالية "اس ار أ" والتي  تقضي باستيراد 120 ألف طن من النفايات سنويا مثلت منطلقا لاهتمام الصحافة المحلية بالملف الذي كان أيضا محلّ متابعة للصحافة الأجنبية، نظرا للجدل الكبير الذي حام حوله وتصاعد الاتهامات حينها بضلوع أطراف نافذة في الدولة.

ويعود ملف الحال إلى شهر ماي 2020، حيث قامت شركة تونسية منتصبة في ولاية سوسة بإدخال 70 حاوية فضلات إلى الميناء التجاري بسوسة ما يقارب 2000 طن، وتخزينها في مقر الشركة بمنطقة الموردين بمعتمدية مساكن، إلّا أنّه تبين لاحقا أن الحاويات الموردة  تتضمن قمامة منزلية محظورة.

وتمّ تسريح البضاعة من طرف مصالح الديوانة بميناء سوسة في بادئ الأمر، وتبيّن لاحقا خلال المعاينة الميدانية بمقر الشركة وجود اختلاف بين المصرّح به والشحنة الموردة وطالبوا، إثر ذلك صاحب الشركة بإعادة تصدير هذه البضائع باعتبارها تتضمن مواد خطيرة وسامة. 

تأخر إعادة النفايات إلى إيطاليا

ساهمت عملية التظلم التي تقدّم بها وكيل الشركة في تأخير عملية إعادة الحاويات إلى البلد المصدر.

وبمجرد بثّ برنامج الحقائق الأربع لتحقيق إستقصائي، كشف ملابسات توريد الشركة المتورطة لفضلات منزلية تمّ جلبها من مقاطعة كامبانيا الإيطالية تفاعلت وزارة البيئة والشؤون المحلية مع مضمون الحلقة وقرّرت فتح تحقيق في الغرض.

وبتاريخ 6 نوفمبر 2020، اذنت النيابة العمومية بمحكمة سوسة 1 لأحد الفرق المركزية للحرس الوطني بالعوينة بالتعهّد بالموضوع وإجراء الأبحاث والتساخير اللازمة وتمّ مساء يوم 20 نوفمبر الفارط، إيقاف وزير البيئة والشؤون المحلية مصطفى العروي على خلفية ملف النفايات المستوردة من إيطاليا بعد أن تمّت إقالته من منصبه من طرف رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي. 

النفايات أطاحت بكبار المسؤولين.. سجن وتهم وإيقافات

فضيحة النفايات الإيطالية، أطاحت بكبار المسؤولين في الدولة التونسية حيث أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسوسة بتاريخ 1 يوم 21 نوفمبر 2020، ثماني بطاقات إيداع بالسجن شملت كلا من وزير الشؤون المحلية والبيئة المقال، ومدير عام سابق بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وموظف في الإدارة الجهوية للبيئة بسوسة، ومديرين إثنين بوكالة التصرف في النفايات و3 مديرين بالوكالة الوطنية لحماية المحيط. 

في حين تمّ الإبقاء على 4 من المحتفظ بهم في حالة سراح، وهم مدير ديوان وزير الشؤون المحلية والبيئة وعميدان في الديوانة التونسية ووسيط قمرقي.

ووجه قاضي التحقيق  تهمة التدليس ومسك واستعمال مدلس في حق متهمين، كما وجه تهمة التوريد الممنوع لنفايات خطيرة في حق أحد المتهمين، وتمّ توجيه تهمة المشاركة السلبية ضدّ 5 متهمين.

ويجدر التذكير أنّ النيابة العمومية بسوسة قد احتفظت بـ 12 شخصا على ذمّة التحقيق في قضية النفايات المستوردة من إيطاليا، كما تمّ تقديم 10 أشخاص للنيابة وإصدار بطاقة جلب دولية ووطنية في شأن صاحب المؤسسة.

وقرّر قاضي التحقيق المتعهد بقضية توريد النفايات الإيطالية عبر الميناء التجاري بسوسة يوم 4 جوان 2021، ختم البحث بعد سماع 26 متهما من بينهم 6 في حالة إيقاف وتوجيه الملف إلى دائرة الإتهام بمحكمة الإستئناف بسوسة التي أيّدت قرار ختم البحث الذي أصدره قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة 1، وأبقت على التهم الموجهة لـ 21 شخص ورفضت مطالب الإفراج ومدّدت بطاقات إيداع بالسجن في حقّ 6 متهمين من بينهم وزير البيئة والشؤون المحلية المقال.

وكانت محكمة التعقيب قد قضت بتاريخ 24 ديسمبر 2021، بالنقض والإحالة بخصّوص قرار دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بسوسة القاضي بإحالة المتهمين في قضية النفايات الايطالية على أنظار الدائرة الجنائية من أجل تهم تعلقت باستخلاص موظف عمومي أو شبهه لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها سواء لنفسه أو لغيره والتوريد الممنوع لبضاعة محجرة وتكوين وفاق بغاية الاعتداء على الأشخاص والأملاك.

النفايات تغادر تونس

وفي بداية جانفي 2022، توصلت تونس وإيطاليا لاتفاق لاسترجاع نحو 212 حاوية نفايات إيطالية مورّدة من تونس وقبعت لنحو سنتين بميناء سوسة.

وكان مصير نحو 2000 طنا من النفايات التي تمّ تخزينها في مستودع بمنطقة الموردين بمساكن الحرق إثر نشوب حريق هائل ما تزال أسبابه مجهولة.

وتمّ الجمعة 11 فيفري 2022، إبرام اتفاق تعاون مؤسساتي بين الجانبين التونسي والإيطالي يقضي بإرجاع النفايات الإيطالية إلى مصدرها، بعد أن تمّ توريدها إلى تونس بطريقة غير قانونية.